روائع مختارة | قطوف إيمانية | في رحاب القرآن الكريم | من أقوال المفسرين في رجم الشياطين!

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > في رحاب القرآن الكريم > من أقوال المفسرين في رجم الشياطين!


  من أقوال المفسرين في رجم الشياطين!
     عدد مرات المشاهدة: 2403        عدد مرات الإرسال: 0

قال تعالى: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ*وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ* إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ} [الحجر:15-18].

من حِفظ الله عز وجل للقرآن الكريم، هذا الكتاب المحكم المصون، رجم الشياطين في السماء، لئلا تسترق من الوحي شيئا، أو تخطف من كلام الرب عز وجل خطفة، فجعل سبحانه النجوم زينة للسماء، ورجوما للشياطين.

يقول ابن كثير: يذكر تعالى خلقه السماء في ارتفاعها وما زينها به من الكواكب الثواقب لمن تأملها، وكرر النظر فيها، يرى فيها من العجائب والآيات الباهرات، ما يحار نظره فيه، ولهذا قال مجاهد وقتادة: البروج هاهنا هي: الكواكب، قلت: وهذا كقوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا} [الفرقان:61].

ومنهم من قال: البروج هي: منازل الشمس والقمر، وقال عطية العوفي: البروج هاهنا: هي قصور الحرس، وجعل الشهب حرسا لها من مردة الشياطين، لئلا يسَّمَّعوا إلى الملأ الأعلى، فمن تمرد منهم وتقدم لإستراق السمع، جاءه {شِهَابٌ مُّبِينٌ} فأتلفه، فربما يكون قد ألقى الكلمة التي سمعها قبل أن يدركه الشهاب إلى الذي هو دونه، فيأخذها الآخر، ويأتي بها إلى وليه، كما جاء مصرحا به في الصحيح، كما قال البخاري في تفسير هذه الآية: حدثنا علي بن عبدالله، حدثنا سفيان عن عمرو، عن عكرمة، عن أبي هريرة، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قضى الله الأمر في السماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان»، قال علي وقال غيره: صفوان ينفذهم ذلك، فإذا فُزِّع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الذي قال: الحق، وهو العلي الكبير، فيسمعها مسترقو السمع، ومسترقو السمع هكذا واحد فوق آخر -ووصف سفيان بيده ففرج بين أصابع يده اليمنى، نصبها بعضها فوق بعض- فربما أدرك الشهاب المستمع قبل أن يرمي بها إلى صاحبه فيحرقه، وربما لم يدركه حتى يرمي بها إلى الذي يليه، إلى الذي هو أسفل منه، حتى يلقوها إلى الأرض- وربما قال سفيان: حتى تنتهي إلى الأرض فتلقى على فم الساحر أو الكاهن فيكذب معها مائة كذبة، فيقولون: ألم يخبرنا يوم كذا وكذا يكون كذا وكذا، فوجدناه حقا؟ للكلمة التي سُمعت من السماء -تفسير ابن كثير: 4/529.

وقال البغوي: واعلم أن هذا لم يكن ظاهرا قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكره شاعر من العرب قبل زمان النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ظهر في بدء أمره، وكان ذلك أساسا لنبوته عليه الصلاة والسلام.

وقال يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس بن شريق: إن أول من فزع للرمي بالنجوم هذا الحي من ثقيف، وإنهم جاءوا إلى رجل منهم يقال له عمرو بن أمية أحد بني علاج، وكان أهدى العرب، فقالوا له: ألم تر ما حدث في السماء من القذف بالنجوم؟ قال: بلى، فانظروا فإن كانت معالم النجوم التي يُهتدى بها في البر والبحر وتُعرف بها الأنواء من الصيف والشتاء لما يصلح الناس من معايشهم هي التي يُرمى بها، فهي والله طي الدنيا وهلاك الخلق الذي فيها، وإن كانت نجوما غيرها، وهي والله ثابتة على حالها، فهذا الأمر أراده الله تعالى بهذا الخلق.

قال معمر قلت للزهري: أكان يُرمى بالنجوم في الجاهلية؟ قال: نعم، قلت: أفرأيت قوله تعالى: {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ} [الآية-6] الجن؟ قال: غلظت وشدد أمرها حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال ابن قتيبة: إن الرجم كان قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم ولكن لم يكن مثله في شدة الحراسة بعد مبعثه‘ وقيل: إن النجم ينقض فيرمي الشياطين، ثم يعود إلى مكانه، والله أعلم   - تفسير البغوي 4/374.

وقال الشنقيطي: والاستثناء في هذه الآية الكريمة في قوله: {إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ}، قال بعض العلماء: هو إستثناء منقطع، وجزم به الفخر الرازي، أي لكن من إسترق السمع، أي الخطفة اليسيرة، فإنه يتبعه شهاب فيحرقه، كقوله تعالى: {وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ* دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ*إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} [الصافات:8-10]، وقيل: الإستثناء متصل، أي حفظنا السماء من الشياطين أن تسمع شيئا من الوحي وغيره، إلا من إسترق السمع، فإنا لم نحفظها من أن تسمع لخبر من أخبار السماء سوى الوحي، فأما الوحي فلا تسمع منه شيئا، لقوله تعالى: {إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} [الشعراء:212]، قاله القرطبي، ونظيره: {إِلَّا مَنْ خَطِفَ} الآية [الصافات:10]، فإنه إستثناء من الواو في قوله تعالى: {لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ} الآية [الصافات:8]- أضواء البيان الجزء الثاني.

اللهم إنا نعوذ بك من همزات الشياطين، ونعوذ بك ربنا أن يحضرون، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

المصدر: موقع دعوة الأنبياء.